البعد_الاخـر || مصعب بريـر يكتب… مكافحة الفقر في السودان هل تنجح سياسات الجزر المعزولة (4)

 

> أوضحــنا في المقال السابق اهم الجوانب الداعمة لاستراتيجية الحد من الفقر والتي تعتمد بصورة أساسية على إعادة صياغة السياسات العامة للدولة، واليوم سنتحدث عن أساليب مكافحة الفقر حيث تتعدد الاساليب الخاصة بالحد من الفقر حسب الرؤية المعتمدة للدول والمنظمات والباحثين لكن معظمها يتفق حول عدد من النقاط يمكن ايجازها في ثلاثة محاور تشتمل علي..

> أولاً: الأسلوب العلاجي وهو الأسلوب الذي يتم بموجبه معالجة الفقر لدى ظهوره في المجتمع جراء تركيز الجهود التنموية على تحقيق النمو الاقتصادي دون الاهتمام بالعناية اللازمة للبعد الاجتماعي. ومن الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا المجال شبكات الأمان الاجتماعي، حزمة الأمان الاجتماعي. ويتم تنفيذها من خلال مسارين متلازمين هما برامج تدريب الفقراء والعاطلين عن العمل واعادة تأهيلهم وتشغيلهم، تمويل وتنمية المشاريع الصغيرة للأسر بالتركيز على النساء وتحسين البنية التحتية المادية والاجتماعية للمواقع ذات الخدمات المتدنية..

> ثانيا: الأسلوب الوقائي وهو الأسلوب الذي يتم بموجبه تصميم الخطط التنموية لتأخذ بالاعتبار تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية في آن واحد بشكل متوازن. و من المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي على المدى القصير في الأسلوب الوقائي أقل منه في الأسلوب العلاجي. أما السياسات والإجراءات اللازمة في هذه الحالة فتتلخص في شمول الخطط والسياسات التنموية على أهداف و سياسات و اجراءات و مشاريع تأخذ بالاعتبار بشكل متوازن متطلبات النمو الاقتصادي وحاجات المواطن المعيشية، مع التركيز على الفئات التي تقع في ادني درجات السلم الاجتماعي (الفقراء والمساكين)..

> ثالثا: الأسلوب الجذري وهو أسلوب طويل المدى، لا يغني عن استخدام الأسلوبين الآخرين، بسبب متطلباته البشرية و الفنية و الزمنية. و بموجب هذا الأسلوب تتم معالجات جذرية في التشريعات و الهياكل و المؤسسات و السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية بما يضمن حدا أعلى من العدالة الاجتماعية و تكافؤ الفرص و الاستفادة المتكافئة و المتوازنة من المنافع و الخدمات، و محاربة الفساد و مصادر الدخل غير المشروعة، و حسن توزيع الثروة و اعادة توزيعها. كذلك يتضمن تطوير و زيادة فعالية المؤسسات القائمة و العاملة على تنظيم الفقراء و توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل كافة شرائح المجتمع، و القدرة على الوصول للموارد المالية المختلفة ووتبسيط الإجراءات الائتمانية التابعة لها. السعي إلى الاستغلال المكثف للقدرات الذاتية و الاستفادة من الموارد المحدودة و الطاقات المتاحة إلى أقصى حد ممكن..

> يمكن الاستفادة من التجارب الدولية مثل التجربة الصينية، التجربة الهندية والبرازيلية (البولسا فاميليا). و هي تجارب عملية ناجحة و بالغة الأهمية و على راسها تأتي تجربة ماليزيا و التي ركزت بعد الاستقلال على محاربة الفقر، حيث كانت نسبة الفقر في ماليزيا ما يقارب 70%، و عملت على تخفيضه في الثمانينيات إلى 30%، و تم تخفيضه في بداية الألفية إلى حوالي 5%، و وصل في سنة 2010 حوالي 3.4% وتنوى ماليزيا لتخفيضه إلى 1% و نسفه نهائي..

> و نكتفى بهذه الحلقات على ان نعود لاحقا لتحليل جدوى برامج مكافحة الفقر التى تم تطبيقها بالسودان ان كان فى العمر بقية بمشيئة الله تعالى ..

الخميس 28 ابريل 2022م
musapbrear@gmail.com