وزير النفط السوداني في حوار الشفافية والجراءة

وكالات : سودان بيزنس
قال وزير الطاقة والنفط السوداني، جادين علي عبيد، إن بلاده تحتاج إلى 3 مليارات دولار لحل مشاكل انقطاع الكهرباء بشكل كامل، مشيراً إلى أن هناك تفاهمات بين السودان وأميركا تستهدف زيادة الخرطوم للإنتاج النفطي.

وكشف الوزير في حواره المطول مع “العربي الجديد” عن التوسع في سياسة إستيراد الكهرباء من إثيوبيا رغم الخلافات معها حول سد النهضة والذي سيضر بدولتي المصب، مصر والسودان.

وقال ” نحن نستورد كهرباء من مصر وإثيوبيا منذ مدة طويلة جدا، وهذا ليس بجديد ونسعى لتوسعة استيرادنا للمزيد من الإمدادات من هاتين الدولتين مستقبلا”.

ودافع عبيد عن قرار حكومته تحرير سعر الوقود قائلا: ” التحرير حل الأزمة تماما وأصبحت لدينا موارد كافية تمكننا من استيراد الوقود دون اللجوء لدعم من وزارة المالية. الآن وبعد التحرير، صار المستهلك هو الذي يتحمل كامل التكلفة وأصبحت هناك وفرة كبيرة”.

وفيما يلي نص حوار “العربي الجديد” مع وزير الطاقة والنفط السوداني، جادين علي عبيد:

– لا يزال السودان يواجه عجزا كبيرا في الكهرباء، وأنت تتحدث عن انتهاء برمجة القطوعات وتراجع الاستهلاك اليومي إلى 2.500 ميغاواط، كيف ذلك

نعم هناك توليد واستهلاك وعاملا العرض والطلب، والمعلوم أن الطلب على الكهرباء يزيد في السودان نتيجة لارتفاع الاستهلاك للاستخدامات المختلفة خاصة المنزلية، وعند ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، فكلما ارتفعت الحرارة زاد الطلب والعكس صحيح، هذا بجانب تزايد الأعطال في الشبكات.

ويتراوح الطلب على الكهرباء ما بين 2500 و3500 ميغاواط ويصل إلى القمة في فصل الصيف، وماكيناتنا تنتج تقريبا في المتوسط حوالي 2500 ميغاواط، وبالتالي يكون وضعنا مناسبا في الجو المعتدل، ولكن يظهر هذا الفرق مع ارتفاع درجة الحرارة، هذا بالنسبة للطلب.

أما بالنسبة للإمداد الكهربائي فيحدث فيه تذبذب وفقا للمواسم، ففي فترة من الفترات يكون التوليد المائي منخفضا بسبب نهاية الموسم في شهر يونيو/حزيران، بجانب قرب نفاد المياه التي تم تخزينها خلال العام. ويجابهنا موسم زراعي يتطلب تخزين مياه للإيفاء باحتياجاته، وبالتالي ينخفض الإنتاج الكهربائي في التوربينات بسبب تراجع التوليد المائي.

وهناك عوامل أخرى تؤدي للانخفاض في التوليد الحراري منها عدم توفر الوقود والإسبيرات ” قطع الغيار”، باختصار شديد حل مشكلة العجز في الكهرباء يتم عبر استمرار إمدادات الوقود والصيانة المستمرة للماكينات والشبكات.

ـ ما هو إجمالي الميزانية المرصودة لسد الفجوة في إنتاج الكهرباء؟

الميزانية المطلوبة حسابيا هي 3 مليارات دولار حتى نكون في وضع آمن جدا، ويمكن القول بأن استهلاك الكهرباء ينحصر آنيا في نسبة 40% من السكان. ونحن نستهدف توسيع الرقعة التي يغطيها الإمداد الكهربائي عبر خطة مرحلية تبلغ تكلفتها الكلية 3 مليارات دولار.

ـ أين يوظف العائد من الزيادات التي تمت مؤخرا في تعرفة الكهرباء؟ وهل هي تمهيد لتحرير السلعة؟

اقتصاديات الكهرباء في السودان لا تزال مشوهة والذي يتم تحصيله من تعرفة من الزبائن أقل من سعر التكلفة الكهرباء التي لا تزال مدعومة، ولابد من الوصول لمرحلة التعادل بصورة متدرجة في المستقبل. وأنا لا أقول إننا نمهد لتحرير السلعة… القارئ هو الذي يقول ويستشف، فهناك عبارات ملغومة.

ـ المشاورات الراهنة مع إثيوبيا لشراء 1000 ميغاواط من الكهرباء ألا تمثل تباينا واضحا في مواقف الحكومة حيال تطورات الأحداث مع إثيوبيا على خلفية الخلافات حول سد النهضة؟

نحن نستورد كهرباء من مصر وإثيوبيا منذ مدة طويلة جدا، وهذا ليس بجديد ونسعى لتوسعة استيرادنا للمزيد من الإمدادات من هاتين الدولتين مستقبلا.
وفيما يتعلق باستيراد الكهرباء من إثيوبيا في ظل تطورات الأوضاع بسبب سد النهضة فنحن أقررنا من قبل بالفائدة التي يحققها السد الإثيوبي للسودان في الزراعة والكهرباء، ولكننا نطالب الحكومة الإثيوبية بتوفير المعلومات المطلوبة عن برنامج التشغيل والجلوس للاتفاق حول برنامج الملء وإنهاء التعتيم في ذلك. ولابد من الإشارة إلى وجود تفاهمات فنية مستمرة حول القطاع بين السودان وإثيوبيا وقد بدأت منذ أعوام.

ــ هل بدأتم استيراد الـ1000 ميغاواط من إثيوبيا؟

الاستيراد من إثيوبيا عموما مستمر، ولكن استيراد الـ1000 ميغاواط لم يبدأ حتى الآن ولا يزال في مرحلة الدراسة. وقد وعدتنا إثيوبيا بتوفير هذه الكمية من الكهرباء باعتبارها فائض طاقة لديها فعرضت علينا شراءه ووافقنا، على أن نكمل متبقي حاجتنا من الإمداد مصادرنا الخاصة.

ــ ماذا عن كهرباء سد النهضة؟ ومن أين توفرون التمويل لقطاع الكهرباء؟

هذه خطة مستقبلية نحن ندرسها الآن، والكهرباء في السودان لا تغطي تكاليف إنتاجها، ولذلك نحن نتلقى التمويل والدعم من وزارة المالية للاستمرار في أداء واجبنا.

ــ هل توقف مشروع الربط الكهربائي مع مصر؟ وما هي ترتيباتكم للربط الكهربائي الإقليمي؟

الربط الكهربائي مع مصر مستمر لزيادة الطاقة الاستيعابية من 70 لـ300 ميغاواط بعد اكتمال الخط الناقل في المستقبل القريب. وفيما يتعلق بالربط الإقليمي، فإن الربط الكهربائي مع إثيوبيا يربطنا مع شرق أفريقيا ومصر برعاية البنك الدولي والذي يهتم بدعم مثل هذه المشاريع المشتركة للتوليد المائي بدول الجوار.

ـ هل تعتقد أن تحرير الوقود حل الأزمة المزمنة فيه بشكل نهائي؟

نعم، التحرير حل الأزمة تماما وأصبحت لدينا موارد كافية تمكننا من استيراد الوقود دون اللجوء لدعم من وزارة المالية. وقد كان من الصعب قبل تحرير الوقود طلب دعم مالي كبير من المالية للاستيراد بسبب الأوضاع الاقتصادية الحرجة بالبلاد، أما الآن وبعد التحرير، فقد صار المستهلك هو الذي يتحمل كامل التكلفة وأصبحت هناك وفرة كبيرة.

ـ ولكن الوزارة تسببت بشكل غير مباشر في زيادة الطلب على الدولار بفتح باب استيراد الوقود للشركات؟

ـ غير صحيح… نحن في الوزارة نعلن عن عطاءات للشركات لاستيراد الوقود، أما تكملة الإجراءات فتتم عبر محفظة السلع والتي تقوم بتوفير النقد للشركات من حصائل الصادر، ما ينفي حاجة الشركات لتوفيره من سوق الصرف الموازي. ونحن ملتزمون بتوجيهات مجلس الوزراء رقم 148 بحصر استيراد الوقود عبر حصائل الصادر فقط.

ــ أسعار الوقود عالية داخليا، ألا ترى أن ذلك يفاقم معاناة المواطنين ويخفض قدرتهم الشرائية ويرفع تكلفة النقل؟

نحن نقدر المشقة التي يعانيها المواطن من قرار تحرير سعر الوقود وتسببه في رفع الأسعار، ولكن كان لا بد للعبور لبر الأمان من تضحيات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

وفيما يتعلق برفع تكلفة النقل فهذا صحيح، وأنا أعتبر ذلك من إخفاقات التحرير، ولكن الوفرة التي حدثت في الفترة الأخيرة، ساعدت على تخفيف تكلفة النقل وأنهت ظاهرة شرائه من السوق الموازي، وعموما هذه الزيادة لن تؤثر على المنتجين. وقد وضعت الحكومة معالجات لتخفيف آثار ذلك عبر تنفيذ عدة برامج اجتماعية من بينها دعم الأسر (ثمرات).

ــ هل هناك تعادل بين الأسعار الداخلية والعالمية للوقود عقب تحريره؟

نحن نعمل وفقا للأسعار العالمية للوقود، فعندما نرى أن هناك تغيرا عالميا حدث في الأسعار بانخفاضها مثلا فإننا نتدخل فورا بخفض الأسعار داخليا، وهكذا الحال عند الارتفاع.

ــ ما هي ضمانات التزام شركات استيراد الوقود بخفض الأسعار؟ وكم بلغ عائد التحرير؟

الضمان هو سيطرة شركات التوزيع الحكومية على 70% من السوق، ولا يوجد عائد وإنما خسائر، وقد كانت وزارة المالية تقوم بدعم الفارق بين سعر التكلفة والبيع للشركات لتخليص بواخر صادر الوقود، والآن نحن نتحصل عليه من المواطن بمحطات التزود بالوقود وتقوم الوزارة بدوها بمنحه للموردين للاستيراد به من جديد.

ــ أعلنت الوزارة عن طرح مربعات جديدة للتنقيب عن النفط في عطاءات عالمية، ماذا حدث في هذا الملف؟

أعلنا عن عطاءات في 26 مربعا، منها 6 مربعات قديمة بدأ العمل فيها من قبل و20 جديدة. وقد تلقينا طلبات للاستثمار في هذه المربعات من شركات نفط عربية وآسيوية وأوروبية، وطالبتنا بمدها بالمزيد من المعلومات حولها لدراستها قبل إبداء الموافقة النهائية على الاستثمار فيها، وقد وصلنا لمرحلة التفاوض مع شركتين إماراتية ونرويجية.

ــ وماذا عن التعاون مع أميركا في مجال التنقيب عن النفط؟

لم نتلق طلبا من أميركا بالاستثمار في المربعات المطروحة، ولكن هناك بعض الشركات الأميركية أبدت رغبتها في تقديم الخدمات بحقول البترول، ولدينا مذكرة تفاهم معها، والباب مفتوح للراغبين من أميركا والدول كافة في العمل معنا ببرنامج زيادة الإنتاج النفطي ومشروعات الطاقة الأخرى والتي أعددناها مسبقا وفي انتظار التمويل.

ـ ما هو مصير اتفاقيات النفط السابقة مع شركاء الإنتاج؟

ــ لدينا اتفاقيات انتهى أجلها كاتفاقاتنا مع شركة قريتر نايل، ولم تبد رغبة في تجديد العقد مرة أخرى، لذلك فإن مربعاتها آلت لحكومة السودان، أما اتفاقيتنا مع الشركة الصينية الوطنية للبترول فلا تزال مستمرة.

ـ عجزت حكومة النظام السابق عن حل مشكلة ديون الشركاء الأجانب في مجال النفط، هل من تحركات لتصفيرها أو الوصول لتسوية بشأنها وكم يبلغ حجمها؟

ــ واجهتنا في الحكومة الانتقالية مشكلتان في هذا الملف، ديون الشركاء وسوء تفاهم مع الدائنين، إذ إن تعامل حكومة النظام البائد مع الدائنين خلق سوء تفاهم مشتركا ولم يجدوا من الحكومة كلمة طيبة، ونحن الآن نسعى لفتح صفحة جديدة في التفاهم معهم لحل هذه الديون وتصفيرها بشكل كامل وتبلغ في مجملها 3 مليارات دولار منها 2.3 مليار دولار ديونا للشركة الوطنية الصينية. عموما نحن في مرحلة تفاوض مستمر ومباشر لوضع الحلول المناسبة لحل مشكلة الديون.

ـ استهداف إنتاج 70 ألف برميل نفط يومياً، ألا يعد طموحا بسيطا خاصة وأن الموازنات السابقة استهدفت أكثر من 120 ألف برميل؟

ـ نحن نستهدف رفع الإنتاج 10 آلاف برميل في اليوم خلال 6 أشهر ليصل بعد هذه المدة إلى 70 ألف برميل، ولا أعتقد أن هذا طموح بسيط، ونحن مستمرون في تطوير الإنتاج النفطي لسنوات قادمة.

ـ هناك اتهامات بفشل الحكومة الانتقالية في إدارة ملف النفط والطاقة؟

ـ لا أظن ذلك، والمواطن هو الذي يحكم، نحن نبذل قصارى جهدنا في الإصلاح، وقد ورثنا الأوضاع الراهنة والتدهور المريع في قطاعي الطاقة والنفط من النظام البائد بسبب سوء إدارته لهذين الملفين، ونحن الآن جادون في المعالجة رغم أنها دون مستوى الطموح.