الخرطوم_ سودان بيزنس
رهنت صحيفة فير أوبزيرفر الأمريكية زيادة المساعدات الأمريكية إلى السودان، برغبة واشنطن في تحجيم الوجود الروسي الإماراتي بالبلاد. وقالت الصحيفة في تقرير، إن التوقيت والقرار بزيادة المساعدة المالية للسودان أمر بالغ الأهمية، في وقت تراقب فيه الولايات المتحدة مشاركة الإمارات العربية المتحدة في السودان بقلق، وأضافت: (خاصة وأن أبو ظبي وموسكو يعملان معاً لدعم ذات الأهداف في السودان).
وقالت الصحيفة في التقرير أن واشنطن لن تكون مسرورة حال تمكنت موسكو من الوصول البحري في السودان ومع ذلك، لا يمكن أن تفعل سوى القليل في وقت تتعاون فيه أبو ظبي وموسكو لتحقيق هدف مشترك يقوم على بسط نفوذهما في الشرق الأوسط سواء في الخليج الفارسي أو البحر الأحمر). وحذرت الصحيفة الأمريكية من إندلاع حرب أهلية حال إستمر الصراع السياسي المدعوم دولياً في السودان، مما جعل البلاد عرضة للتدخلات الخارجية الرامية لفرض سيطرتها عبر الفوضى التي تتسبب بها الحروب والنزاعات.
وأبدى الخبير والمحلل السياسي عصام حسن إستغرابه من التقرير الأمريكي، وما ورد فيه من دعم الولايات المتحدة للسودان. وتساءل أين هو الدعم الذي تتحدث عنه واشنطن للسودان ومتى كان؟. وأضاف عصام: (المعلوم أن واشنطن طوال العقود السابقة فرضت حصاراً إقتصادياً على الشعب السوداني وحرضت عليه كثير من الدول، بل قامت بقصف وتدمير مصنع الشفاء، الذي كان يصنع الأدوية محلياً لتخفيف العبء على المرضى السودانيين). وقال عصام أن الدعم الأمريكي غير موجود على أرض الواقع، لكن سياسة الترغيب والترهيب والتهديد والوعيد، هي الحاضرة في كل أزمان العلاقات السودانية الأمريكية.
وأكد عصام أن ما تفعله أمريكا الآن بالإملاء على السودان لإختيار علاقات تواءم السياسة الأمريكية مع بعض الدول، هو إنتهاك واضح للسيادة السودانية، وإستفزاز للشعب السوداني الذي يرفض التدخلات الأجنبية في شؤونه. مشيراً إلى أن السودان يتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا والصين ودول البركس، إلى جانب علاقات أزلية مع الدول العربية والافريقية ومعظم دول العالم، مؤكدا أن المساعدات التي تتحدث عنها أمريكا كثمن لهذا التدخل السافر لم يصل السودان منها أي شيئ، وهو ما يؤكد أن أمريكا تتدخل في شؤون الدول لتدميرها، وإن تغطت هذه الأجندة بقناع المساعدات والدعم. مشيراً إلى أن واشنطن الآن تنظر إلى السودان وكأنه أرض الصراع القادم بينها وبين روسيا، الأمر الذي يتطلب رؤية سودانية واضحة تجاه هذه الأجندة والأطماع المكشوفة.
من جانبه أشار الباحث بمركز الرضا للتطوير المعرفي عاطف الشريف إلى حديث الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن في حملته الإنتخابية، الذي قال فيه أن على الأمريكيين أن يخجلوا من ترامب (الرئيس السابق)، الذي يريد أن يدين دولة على جرم لم تفعله، في إشارة إلى إلزام أمريكا للسودان بدفع تعويضات العمليات الإرهابية التي تعرف بالمدمرة كول، وحادثة تفجير السفارتين، فضلاً عن التصريحات المبكرة لمساعدة وزير الخارجية الأمريكي مولي في، التي أكدت فيها على ضرورة تحديد إسترتيجية أمريكية للتعاون مع السودان، لا في إطار المساعدات والدعم، لكن بإعتباره نقطة تقاطع المصالح وأرض الصراع بينها وروسيا.
وقال عاطف الشريف إن كثير من الدول العربية بدأت في تغيير سياساتها تجاه أمريكا بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتغير موازين القوى العالمية. لذلك أظهرت واشنطن غضبها تجاه بعض الدول، وأبدت قلقها من تحركاتها مثلما فعلت الآن مع دولة الإمارات العربية المتحدة. وأضاف عاطف: (على أمريكا أن تعي جيداً أن البساط ينسحب من تحت أقدامها سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً، ولم تعد هي القوى التي تأمر فتطاع، لأن الشعوب صحت من غفوتها، وشاهدت ما حصل للأوكرانيين بعد أن وثقوا في الوعود الأمريكية، ورأوا حلفاء أمريكا في أفغانستان وهم يتساقطون من أجنحة الطائرات، دون أن تحرك واشنطن ساكناً لإنقاذهم والوقوف إلى جانبهم).