بكري المدني يكتب / انقلاب بكراوي -الأسرار الكاملة (1)

بكري المدني يكتب / انقلاب بكراوي -الأسرار الكاملة

(1)

إن كانت قوة اللواء بكراوي قد استطاعت السيطرة على كل القوات وبالتالي كل البلاد لساعات لم يكن صعبا من بعد الوصول والتواصل مع ضباط هذى القوة وهو ما قد تم لنا بالفعل لنصل الى أن الفكرة قد بدأت منذ دعوة الدكتور عبدالله حمدوك لبعثة أممية للسودان والدعوة كذلك لهيكلة القوات المسلحة مع إبعاد بعض العسكريين أمثال الفريق مصطف محمد مصطفى والفريق عمر زين العابدين والفريق صلاح وغيرهم وجاءت الاتصالات والإجتماعات قبل سته شهور أو اكثر بين أفراد المجموعة وبترتيب دقيق لم تكشفه الأجهزه الأمنية إلا بعد التحرك واستلام كل المواقع !

* اللواء بكراوي -بحسب محدثي من أعضاء المجموعة – كان في رحلة علاج بجمهورية مصر ولكنه ظل متابعا ووصل قبل التنفيذ بيومين وقاد التحرك بنفسه و لم تكن هناك خطة لإعتقال القادة العسكرييين أو السياسييين لأن الحركة أرادت أن تكتفي بإيصال رساله تصحيحية مثل مذكرة الجيش الشهيرة كما إنه لم تكن هناك جهة سياسية ولاحزب وراء الحركة وإنما كانت حركة عسكرية بحتة لتصحيح مسار الثورة وإنهاء تحركات المخابرات الأجنبية بالبلاد حسبما ما كانت ترى المجموعة

* لأسباب التحرك عالية الذكر وغيرها من الأسباب المتعلقة بتصحيح وضع القوات وفق رؤية المجموعة لم يكن هناك بيان لاذاعته ولم يتم ضبط أي مادة مسجلة في هذا الخصوص بعد عملية التسليم ومجموعة بكراوي لم يكن في نيتها استلام السلطة بأي حال من الأحوال ولو أرادوا ذلك لفعلوا -حسب محدثي- إذ لم يتبق لهم إلا إذاعة البيان و إعتقال القادة وكان ذلك اسهل ما يكون بعد السيطرة على القيادة والمدرعات والكباري !

* كانت هناك اتصالات بين المجموعة و(كود) بين قياداتها ولقد تفاجأت القيادة السياسية والعسكرية بهذه الحركة ولم تعلم بها إلا عند الساعة الخامسة صباحا وبعدها تم التواصل مع اللواء بكراوي الذي كان قد سيطر بالفعل على كل المواقع العسكرية الإستراتيجية مثل سلاح المدرعات والقيادة العامة للجيش وكل كباري العاصمة

(2)

* أواصل أقوال محدثى من مجموعة اللواء البكراوي والتى قادت انقلابا عسكريا في شهر سبتمبر من العام الماضي حيث ذكر لي ان التحرك كان بتاريخ ٢١ /٩ الساعة الثالثة صباحا و تمت السيطرة علي سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة بواسطة اللواء بكراوي شخصيا ومعه عدد من الضباط والصف والجنود وقامت المجموعة بإغلاق كل البوابات بالدبابات وكان لديهم عدد ٣ كتائب مدرعات جاهزة داخل حوش المدرعات وتمت السيطرة في نفس الزمن علي كل بوابات القيادة العامة للقوات المسلحة واغلاقها بالدبابات المتواجدة هناك أيضأ بواسطة العميد الركن عبد الحليم محمد و مجموعته وهو ضابط مدرعات معروف كما تم إغلاق كبري الفتيحاب وكبري السلاح الطبي وكبري الحلفايا كذلك بالدبابات بمشاركة مجموعة من ضباط سلاح المظلات بقيادة العميد ابراهيم المنصوري

* اضاف محدثي عضو مجموعة اللواء البكراوي أنهم كانوا قد سيطروا أيضا علي مباني الإذاعة والتلفزيون بأم درمان بعدد عشرة دبابات ولقد كانت هناك قوة حول الاذاعة بعدد ١٤ عربة مسلحة(تاتشرات) ولكن العساكر الذين كانوا عليها انسحبوا بعد ان تحركت الدبابات نحوهم وطوقت الإذاعة أما سبب انعدام وجود مقاومة فإن محدثي يعيده الى ان معظم ضباط الجيش وقتها كانوا مؤيدين للتغيير والتحرك العسكري بسبب سياسات حكومة حمدوك وحركة المخابرات الدولية في الخرطوم إضافة الى طلب تصحيح وضع القوات العسكرية

* ثم ماذا بعد ان سيطر اللواء البكراوي على المواقع الإستراتيجية ؟ الإجابة على هذا السؤال – يقول محدثي – ما ان عرفت رئاسة أركان الجيش بالتحرك حتى تم الإتصال باللواء بكراوي بواسطة الفريق عصام كرار وهو عضو في هيئة القيادة وبحكم إنه كان قائد سابق لسلاح المدرعات قاد المفاوضات مع اللواء بكراوي لاثنائه وفك الحصار عن القيادة العامة وفتح الكباري وبالفعل استجاب اللواء بكراوي من خلال وعود بمعالجة مطالب المجموعة وعدم مساءلة أفرادها مستقبلا

(3)

* 21سبتمبر أصبحت الخرطوم على حقيقة أقرب للمزحة إذ سيطرت مجموعة مسلحة من المدرعات بقيادة اللواء بكراوي على كل المواقع الاستيراتيجبة وكسرت سر الليل واستبدلته بعبارة (النصر لنا) لأنها شعار القوات المسلحة وفي ساعات قلائل كان كل شيء تحت سيطرة مجموعة اللواء بكراوي ومن دون ان تطلق طلقة واحدة أو تريق نقطة واحدة بل حتى من غير (مزيكا) أو بيان ومن اللطائف التى رويت في ذلك ان ضباطا كان داخل القيادة ذلك الصباح يسخر من خبر حدوث انقلاب ووقتها كان الرجل يجلس وسط الانقلابيين تماما !

* أن المفاجأة أو الحقيقة الأقرب للمزحة في انقلاب اللواء بكراوي أنه حدث في وقت كان الكل فيه يؤكد أن زمن الانقلابات قد إنتهى وان أي محاولة للانقلاب لن تنجح ولكن (حدث ما حدث ) وكان أول من خرج مؤكدا ما حدث الفريق أول حميدتي والذي وصف تحرك بكراوي ب (انقلاب كامل الدسم)!

* عندما صحت الخرطوم في 21 سبتمبر ووجدت نفسها تحت سلطة عسكرية اغلقت عليها الكباري وسيطرت على الأسلحة بحثت القيادة العسكرية للدولة عن أقرب الضباط للمجموعة الانقلابية بعد معرفة هويتهم ووقع الإختيار على الفريق عصام كرار القائد السابق لسلاح المدرعات وعضو هيئة القيادة وقائد سلاح القوات البرية للتفاوض مع الانقلابيين

* بحكم العلاقة وزمالة السلاح قاد الفريق عصام كرار المفاوضات مع اللواء بكراوي لفك الحصار عن القيادة العامة للجيش وفتح الكباري وبالفعل استجاب اللواء بكراوي بعد وعود بمعالجة مطالب المجموعة وعدم مساءلة أفرادها مستقبلا

* كانت مطالب مجموعة اللواء بكراوي معالجة وضعية قوات الدعم السريع وتحجيم دور السفارات والمخابرات الأجنبية في السودان وكفكفة تعامل حكومة الدكتور حمدوك مع الخارج مع طلب خاص بعدم محاسبة افراد المجموعة

* نجح الفريق عصام كرار في حمل مجموعة اللواء بكراوي على التسليم وتم فك حصار القيادة العامة والخروج من سلاح المدرعات وفتح الكباري وكذلك فك حصار مبنى الإذاعة والتلفزيون وعادت في نفس اليوم الأوضاع الى طبيعتها !

(4)

يختلف الناس حول الانقلابات العسكرية فهناك من يراها وسيلة لتصحيح الأوضاع وهناك من يراها زريعة لتمكين العسكر على حساب الحريات لكن تبقى حقيقة واحدة وواضحة وهي ان اللجوء للقوات المسلحة هو آخر الخيارات المتفق عليها دائما لحفظ البلاد وذلك لأسباب كثيرة من بينها مسؤولية هذه القوات وطبيعة تشكيلها القومية وفي بعض الأحيان تتقدم القوات من تلقاء نفسها ولتقديرات خاصة وحسب قانونها الداعي لحفظ أمن وسلامة البلاد – تتقدم للإحاطة بالأوضاع ومن المحاولات المذكورة في ذلك ما قامت به مجموعة اللواء بكراوي والتى وإن أختلف الناس على طريقتها إلا أنهم – في الغالب الأعم -لا يختلفون على الأسباب التى دفعت بها ومن بينها تصحيح وضع القوات العسكرية ومكافحة نشاط التخابر وتقويم مسار حكومة الفترة الإنتقالية

حسب مجريات محاكمة مجموعة اللواء بكراوي وافادات أعضائها فإن طلب تصحيح وضعية قوات الدعم السريع- تحديدا- لا يختلف معهم عليها أحد داخل الجيش أو خارجه بل حتى قائد الدعم السريع فريق أول حميدتي قد صرح ذات مرة بأن قواته (من الجيش وللجيش)واعقبه مؤخرا شقيقه عبدالرحيم دقلو بالتلميح الى إمكانية تخليهم كأسرة عن قيادة قوات الدعم السريع ولعل آخر تصريح في ذلك ما جاء في بيان حميدتي المؤكد على اتفاقه مع قيادة الدولة وأطراف السلام على(جيش مهني واحد)للبلاد وبهذا فإن أكبر مطالب مجموعة بكراوي متفق عليها وتبقى فقط إرادة تنفيذها !

الحديث عن مكافحة نشاط التخابر ودور بعض السفارات في الخرطوم سبق وان أشار إليه فريق أول عبدالفتاح البرهان نفسه وحذر منه وهو عمل منبوذ من كل القوات والقوى السياسية وعليه فإن ثاني مطالب مجموعة بكراوي متفق عليها أيضا وإما الموقف من حكم المدنيين فقد حسمه الفريق أول البرهان نفسه في 25 اكتوبر ببيان يتطابق تماما مع مطالب اللواء بكراوي ولئن كان الأخير قد قام بانقلاب وتراجع عنه بعد وساطة الفريق عصام كرار فإن البرهان نفسه قام انقلاب في 25اكتوبر لتصحيح الأوضاع ولم يتراجع عنه حتى الآن !

ان مجموعة اللواء بكراوي من ضباط المدرعات وضباط سلاح المظلات وغيرهم من الذين شاركوا في تحرك 21سبتمبر من خيرة ضباط القوات المسلحة وأكثرهم غيرة على الجيش وعلى البلد ومكان هؤلاء الرجال اليوم الثغور والقيادة لا المحاكمة وذلك لأنهم أبناء الجيش (أولاد الحلال) ومن يظن غير ذلك يوهم نفسه بأن 21سبتمبر كان اليوم الأخير !