.. ظللت لمدي طويل.. علي الأقل خلال السنة الماضية من عمر الأزمة السودانية أستغرب للحملات الممنهجة لشيطنة قوات الدعم السريع وقائدها الفريق أول حميدتي لكونها تخرج من مظان إستنارة لعلها تتغافل عن طبيعة الظروف التي تشكل المشهد السوداني الحديث فظلوا يتعاملون مع الدعم السريع كقوات مقاتلة في الميدان ناسين أو متناسين التمدد الكبير لهذا التنظيم الإجتماعي الإقتصادي العسكري في مسام القضية الوطنية في توقيت هو الأدق والأكثر حساسية في تاريخ السودان وقد ظل القائد محمد حمدان دقلو طوال السنوات الثلاث الماضية يملأ الفراغات كرجل دولة من الدرجة الأولى.. تتفق أو تختلف معه.. واضح الفكرة.. مباشر التصويب.. إنتقد الناس طريقته في الخطابة لأنهم تعودوا علي نمط معين من الخطاب السياسي قائم علي (الغتغتة والدسديس) الذي أعلن حميدتي عن نهاية زمنه..الدعم السريع اليوم هو مؤسسة وطنية كبيرة ومتجذرة في عمق الدولة والمجتمع السوداني بجيش ضخم من الخبراء والمستشارين في رابعة النهار وتحت الأضواء الكاشفة وعلي عين الدولة وضمن مؤسساتها.. وتقوم قواته المسلحة كإحدي فصائل القوات المسلحة ذات الوضعية الخاصة بعمل كبير جداً ومتقدم مع بقية الأجهزة في الحفاظ علي سيادة السودان وهويته وتأمين حدوده بل وتشارك بسبب الظروف الخاصة هذه الأيام في حفظ الأمن الداخلي بإنضباط كبير لا ينكره إلا مغرض.. وبغض النظر عن ظروف تواجد هذه القوات بوضعيتها الحالية.. وهذه المؤسسة بشكلها الراهن إلا أنها تعد إحدي مرتكزات عملية الإنتقال الآمن للدولة والمجتمع وقد أثبتت الأيام والأحداث قدرتها علي العمل تحت الضغط بعقيدة ثابتة وخطاب موحد علي عكس كل القوي الأخري وتمكنت بذلك من الظهور دائماً علي أنقاض الصراع السياسي والعسكري متماسكة ومتمترسة وراء طرح وطني وإن سعي البعض لتجريمه واتهام نواياه إلا أنه واضح ومباشر..
وبذلك تكون مؤسسة الدعم السريع وقائدها ومستشاريها وخبرائها وواقع وجودها ثابتاً أساسياً في محيط ذاخر بالمتغيرات في المواقف والتحالفات وقد تمكنت علي أي حال من الثبات المتقدم في العرف العسكري والتصنيف السياسي وقد يبدو من الخطل وسؤ التقدير إظهارها بمظهر المليشيا المؤقتة بينما الواقع يقول أن الدولة تلجأ لتفكيرها وتدبيرها ورؤيتها للناس والأحداث في الإقتصاد والسياسة والإجتماع.. وبينما تضم مؤسسات الدعم السريع ومكاتبه ومستشارياته كرائم مدخرات أهل السودان من العقول والمفكرين تناطحهم الغرف المغلقة ببعض مراهقي السياسة والإعلام دون ضوابط أو محددات أخلاقية أو مراعاة لظروف البلاد ونكبتها الحديثة..
قد نجد بعض الملاحظات علي الدعم السريع وتشكيلاته المدنية والعسكرية.. قد نختلف مع فكرة وجوده بالكلية.. وربما يتخوف البعض من نظرية النهايات الدامية ولكن لابد لنا من الإتفاق علي الحد الأدنى من الثوابت الوطنية الذي يتيح لنا ولمن نختلف معهم حرية التفكير والعمل حتي نتمكن من إخراج بلادنا وشعبنا من دائرة التخوين والتوزيع البائس الأشتر لصكوك الوطنية.