علم الدين عمر.. يكتب عبر نافذته حاجب الدهشه.. السعودية.. الحروف تحت ظلال السيوف..

.. كثيرون ظلوا يسترقون النظر للمشهد السوداني من زاوية التصنيف العاطفي لمجريات الأحداث كأنما هذه البلاد ولدت للتو من رحم الفراغ الإنساني في التاريخ والجغرافيا.. فيستبعدون العمق الإستراتيجي لعلاقات السودان بالمحيط الجغرافي والوجداني الذي تقوم المملكة العربية السعودية منه مقام القلب من الجسد إذ ما من سوداني ينهض بينه وبين المملكة مما يتاور القلب من حساسية تجاه البرتكول أو العرف الدبلوماسي المعلب ولذلك وجدت الطريقة التي يدير بها سفير خادم الحرمين الشريفين في الخرطوم علي بن حسن جعفر مساحة من سماحة في مسامات المجتمع السوداني.. فالوكيل السابق للخارجية السعودية وسفيرها في أكثر المحطات خصوصية كان هو الرجل المناسب في المكان المناسب في التوقيت المناسب لأن المملكة كانت بحاجة لرجل في حنكته وقدرته علي إستغلال مساحات القبول الشعبي المبدئي لوجود المملكة في هذا التوقيت من عمر الأزمة السودانية كمسهل وضامن غير هياب ولا متهم بغرض غير رابط الأخوة والحرص علي مصالح السودان وشعبه.. تحرك السفير في مساحة يكفلها له الواجب وتتيحها له أشواق السودانيين في دور أكبر لمملكة الحرمين الشريفين بالإتساق مع السياق المنطقي للعلاقة التاريخية بين البلدين فسفارة المملكة العربية السعودية ليست كأي سفارة بالخرطوم وبالطبع سفيرها كذلك ليس كبقية السفراء ولا يداني السعودية في علاقتها مع السودان وشعبه إلا جمهورية مصر العربية وشعبها من حيث رابط الدم والتاريخ والجغرافيا والمستقبل كذلك.. عليه فإن حركة السفير السعودي لتقريب وجهات النظر بين فرقاء المشهد السوداني هي حركة حتمية ومطلوبة فما يقبل منه قد لا يقبل من غيره وقد أفلحت جهوده التي أنسجمت مع جهود المبعوثة الأمريكية للسودان في تعليق حوار الآلية الثلاثية الكسيح وإن ذهب البعض لتجريم منسوبي إئتلاف الحرية والتغيير الذين طلبوا منه التوسط لجمعهم مع المكون العسكري لمجلس السيادة الإنتقالي فهو تجريم في غير محله ولم يكن من داع لإنكار الطلب أو التبرء منه.. وقد قامت سفارة المملكة بما يمليه عليها الواجب مع الأشقاء في سفارات الدول العربية وخاصة مصر والإمارات تجاه السودان وشعبه إذ لم يكن يليق بهم الوقوف في موقف المتفرج من أزمة الإنتقال السياسي والتدهور الإقتصادي وصراع الأجندة المتقاطعة الذي أعقب الثورة السودانية.. وسيحفظ التاريخ للسفير علي بن حسن جعفر أنه كان يواصل الليل بالنهار علي مرأي ومسمع من الدولة السودانية بمحبة خالصة لصالح الناس والأحداث في بلادنا بلا من ولا أذي.. بيته ومكتبه وقلبه وعقله مفتوح للسودانيين.. يطوف مع أشقائه المسؤولين أصقاع السودان تحت كل الظروف فلا تجده إلا ملبياً لدعوة أو متفقداً لمكره أو جابراً بخاطر.. في رابعة النهار بشخصه وليس متخفياً خلف الواجهات أو وراء حجب المؤامرات وغرفها المظلمة.. إنه السفير الذي أحسن تمثيل بلاده وشعبه مع أهله وأشقائه في بلاد النيلين تحقيقاً لسياسة المملكة وإمضاءا لأشواق أهل السودان..وفي تقديري أن الإحاطة التامة التي تقوم بها المملكة لإقالة عثرة السودان ستؤتي أكلها لأنها في نهاية أمرها تعبر عن عمق العلاقة وآصرة الدم والدين والتقدير بين البلدين فهي مجردة من الغرض وصادقة في التعبير تحكمها المحبة ويحصنها الإحترام والمصير المشترك.