الخرطوم: سودان بيزنس
مع تباشير إعداد موازنة العام الجديد 2022م يتطلع المواطنون إلى واقع أحسن حالاً في إصلاح مسار الاقتصاد وتحسين مستوى الخدمات، والأهم من ذلك، جعلها في متناول الأيدي ولن يتحقق الأمر بغير إنزال الحكومة شعار “معاش الناس” على أرض الواقع بدلاً عن الحديث عنه، و من الخطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي.
يرى مختصون أنه على الحكومة أن تكون حريصة أكثر من أي وقت مضى بتفعيل إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة هكذا دون حلول جذرية، سيما أن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، معاناة مضاعفة فاقمت معاناة المواطنين من محدودي الدخل والشرائح الضعيفة بسبب عجزهم عن توفير متطلبات المعيشة، بسبب الزيادات المستمرة في الأسعار
خط الفقر
أثرت الظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد منذ سنوات، على قدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم الحياتية وتوفير المتطلبات خاصة في مواسم الأعياد والمناسبات، وزاد الأمر سوءاً تراجع قيمة العملة الوطنية وتصاعد التضخم واستمرار أزمة السيولة في بلد تصنف نسبة عالية من مواطنيه بأنهم تحت خط الفقر حيث تعتبر معدلات الفقر في السودان عالية.
الحماية الاجتماعية
ويعاني آلاف العمال وصغار الموظفين من ذات هذه المشكلة حيث لا يكفي راتبهم المتدني لمقابلة غلاء الأسعار المتصاعد يومياً مع ثبات الأجر الذي هو أصلاً لا يتناسب مع متطلبات المعيشة، كما تتقاصر الجهود الحكومية عن تخفيف أعباء المعيشة عن هذه الشرائح على الرغم من إقرار الموازنة الحالية رفع الدعم الاجتماعي إلى ألف جنيه لمليون أسرة فقيرة، وهو لا يمكن تلمسه بوضوح حيث يشكك كثير من المختصين في تنفيذ الحكومة برامج الحماية الإجتماعية بحسب ما جاء في الموازنة، مع بطء إنفاذ مشروع دعم الاسر الفقيرة “ثمرات” وعدم وصوله لنسبة عالية من المستهدفين، كما أن كثيراً من المواطنين يقولون إنهم يسمعون فقط بالدعم الاجتماعي ولم يصلهم بعد.
الغذاء يتصدر
ويصف يوسف الماحي وهو موظف بإحدى الشركات الخاصة، الواقع بأنه بات “أصعب مما كان”، وقال إن ما يوفره الراتب لا يتجاوز 20% من الحاجة الفعلية، موضحاً أن سد هذا العجز يكون بالتنازل عن العديد من المتطلبات إجبارياً والاكتفاء بالمستلزمات الغذائية فقط، وتوفير بعض متطلبات المدارس على دفعات، موضحاً أن الغذاء يتصدر ترتيب الأولويات حيث لا مجال لمحدودي الدخل والموظفين للتفكير في اقتناء كماليات لا تسعفهم إمكاناتهم لشرائها.
غلاء عام
وتباينت أسعار السلع الاستهلاكية، رغم وفرتها النسبية، حيث يباع جوال السكر الكبير بـ “14.5” ألف جنيه، كما ارتفعت أسعار الزيوت والنشويات والمواد الغذائية والحبوب بنسب متفاوتة، وشهدت أسعار الخضروات استقراراً على أسعار مرتفعة وبلغ سعر كيلو الطماطم 1000 جنيه، ونفس الأمر لمواد البناء حيث تراوح طن الأسمنت بين “72 – 76” ألف جنيه، والسيخ قارب 400 ألف جنيه، كما ارتفعت تكاليف المعيشة بارتفاع أجرة السكن وتكلفة النقل والمواصلات التي ارتفعت لمستويات غير مسبوقة تجاوزت نسبة 120% مقاربة بالعام الماضي.
وضع خطير
خبيرة الاقتصاد، د. إيناس إبراهيم، حذرت من خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقالت في تصريح صحفي، إن الحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة هكذا دون حلول جذرية، وأكدت إن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعت لأن تشمل الإصلاحات المقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة وما يتصل بها من الصناعات التحويلية ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المنتجين والتي قالت إنها تتمثل في تعدد الرسوم والجبايات إلى حد أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصعوبة العمل في ظل أوضاع غير محفزة على الإنتاج وكثيرًا ما يتكبدون الخسائر.
مشكلات مزمنة
وتتمثل إحدى أهم مشكلات البلاد في التزايد السنوي لمعدل الاستهلاك مع تناقص الإنتاج أو بقائه على معدل ثابت لعدة سنوات، وهو ما يتجلى بالفعل في قطاع المشتقات النفطية، حيث أثر نقص الوقود المنتج في مصافي التكرير في مشكلات، أما مشكلة نقص الأوراق المالية سابقا، وعدم كفايتها حاليا بسبب تزايد معدلات التضخم فكانت عرضاً لمشكلات أخرى مثل ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية وتراجع قيمة العملة الوطنية بسبب المضاربات فسعى البنك المركزي لمعالجتها عبر التحكم في ما توفر من “كاش” بالبنوك.