المعدن النفيس،،، استمرار الضبطيات الحلول والمعالجات

حدود المتطق – إسماعيل جبريل تيسو

      ضبط امرأة متلبسة في حالة تهريب ذهب وعملات أجنبية بصالة المغادرة بمطار الخرطوم كانت في طريقها إلى دبي عبر طيران بدر،،،  هكذا ورد الخبر في عدد من الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، ليفتق من جديد جرحاً غائراً من  الإحباط أصاب جسد المشهد الاقتصادي قبل خمسة أيام فقط عندما تم الإعلان عن تهريب 18 كيلو ذهب في ذات الموقع مطار الخرطوم.

هي إذن محاولات جادة وجريئة ومستمرة وربما ممنهجة تستهدف تخريباً مقصوداً لاقتصاد البلاد، فلم تتخوف هذه السيدة أو يرمش لها جفن من الضجة الكبرى التي صاحبت عملية الضبط التي طالت عدداً من الموقوفين الذين تجري معهم حالياً إجراءات التحقيق للوصول لكل الأطراف المشاركة في عملية التهريب التي تمت الأسبوع الماضي.

وكانت السلطات الأمنية والعدلية المختصة قد استجابت لنداءات المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك عبد الرحمن أردول الذي شكى من ما وصفها ببعض العراقيل القاضية برفع الحصانة من منسوبيين حكوميين لإكمال إجراءات محاكمة متورطين في قضية تهريب 7 كيلو ذهب عبر مطار الخرطوم قبل أكثر من شهرين، توطئة لمحاكمتهم.

قطعاً إن استجابة السلطات المختصة برفع الحصانات عن كل متورط في قضية تهريب مهما علا شأنه، هي خطوة على الطريق الصحيح لمحاربة ظواهر وبؤر  الفساد التي بدأت تستشري في مفاصل البلاد بسبب السياسات التي كان ينتهجها نظام الإنقاذ طوال ثلاثين عاماً، مما انعكس سلباً على تدمير كامل لكل بنيات الدولة في اقتصادها وسياستها وأخلاقها، ولعل عمليات التهريب التي ما انفكت تتم عبر مطار الخرطوم والقنوات الرسمية لا تتم إلا بمساعدة آخرين ممن فسدت أخلاقهم وانهارت داخلهم قيم الانتماء والوفاء للوطن.

وينبغي على السلطات المختصة، وللمزيد من سبل محاصرة ظاهرة التهريب عبر مطار الخرطوم، أن تعمل على تطوير البُنيات التحتية للمطار الدولي من صالات ومواقف للطائرات وتعزيز مباديء الأمن والسلامة بالمزيد من الآليات والمعدات القادرة على اكتشاف المواد المهربة مهما كانت قدرة ومهارة وفطنة وذكاء المهرِّب، مع ضرورة تفعيل قرار رئيس مجلس الوزراء القاضي بتحديد نسبة (10%) من ضبطيات السلع المُهربة لتحفيز العاملين في حراسة المداخل والمطارات والموانئ والحدود.

ولما كان الكثير من منتجي الذهب يلجأون إلى التهريب طمعاً في الأسعار المجزية في بعض دول الخليج، فإن على الجهات المختصة أن تعمل على انتهاج سياسة الأسعار التشجيعية للمنتجين، بحيث تطرح الدولة أسعاراً تنافس الأسعار العالمية تحفِّز المنتجين وتكفيهم تعب السفر وشرِّ التهريب، وهو الأمر الذي يُفترض أن تقوم به مصفاة السودان للذهب التي تستهدف إنتاج الذهب بالمعايير العالمية، ليحصل المنتجون على مبالغ مجزية، مقابل جودة الذهب العالية.

وعلى الجهات المعنية بصناعة التعدين وتصدير المعادن ومكافحة التهريب أن تنسِّق جهودها ومواقفها، وتُحكم من أدوارها للإحاطة بالمعدن النفيس والتقليل من فاقده، سواءاً بالتهريب الممنهج أو اكتزان السبائك التي ستبقى تلمع بعيداً عن أعين الرقابة والسلطات المختصة، بفعل مخاوف بعض المنتجين جراء الأزمة المالية العالمية والكساد الذي أحدثتها جائحة كورونا.ً

حسناً فعلت الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة بطرح استمارة الذهب المعنية برصد عملية إنتاج المعدن النفيس لحظة عملية استخلاصه من قبل الشركات المنتجة، بحيث تتم الإحاطة الدقيقة بالإنتاج ومحاصرة تهريبه بإحكام وتجويد عمليات الإشراف والرقابة والإحاطة بالمعدن الأصفر المُنتَج، سواءاً الداخل أو الخارج من مصفاة السودان للذهب، معنية

وتبقى الكرة في ملعب حكومة الثورة في ثوبها الجديد، كلٌّ في موقعه لتضطلع بمهمة سنِّ التشريعات وتفعيل القوانين واللوائح المنظمة لعمل التعدين، وإزالة كل أنواع التقاطعات والتداخلات في قطاع التعدين مما يسهل من عمليات إحكام الرقابة والإشراف والمتابعة، مع ضرورة تشكيل نيابات مختصة في قضايا التهريب والمصادرة وإصدار الأحكام الرادعة في حق المهربين والمخربين وضعاف النفوس ممن يعملون على هدم ركائز الاقتصاد الوطني.

فمتى ما استنفرت الحكومة طاقاتها وفرضت هيبتهان فإن الفرص أمامها كبيرة للحد من أنتشار سرطان التهريب والحفاظ على الذهب الذي يعتبر المعدن الأهم في خارطة الموارد والثروات التي يعتمد عليها السودان للخروج من نفق أزمته الاقتصادية وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين الذين مازالوا يلكون الصبر أملاً في قطف ثمار الثورة وتحقيق المقاصد والأهداف التي دفع من أجلها نفر عزيز من شباب هذا الوطن أرواحهم ودماءهم  بحب لايريدون من ذلك جزاءاً ولا شكورا.