تقرير :محمد مصطفى
صوّب سياسيون وقادة حزبيون هجوماً على بعض الأحزاب وتدخلها في تغيير السلطة عبر الانقلابات العسكرية واستمالة المكونات العسكرية على الحكومة المدنية السابقة ، محذرين من مغبة تكرار الفترة الانتقالية الماضية وتكرار الانقلابات العسكرية و إجهاض التحول الديمقراطي، واضافوا ان النظام البائد يعد العدة لاحداث انقلاب مع بعض المكونات العسكرية .
وهاجم الأمين السياسي بحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر المدنيين المتحالفين مع المكون العسكري لاستلام السلطة والابقاء على الوضع الحالي، مشيراً إلى مشاركة أحزاب مساندة للانقلاب في ورش القاهرة وجوبا وبدعم من العسكر خير دليل على قطع الطريق على التحول المدني، وعلى الاتفاق الإطاري.
وقال كمال في، منتدى بناء الديمقراطية “تعزيز مشاركة المواطنين في التحول الديمقراطي السلمي في السودان”، مشروع مشترك بين المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات ومؤسسة طيبة للإعلام، بطيبة برس اليوم الاثنين، انه لابد من إصلاح حقيقي لمنظومة الاحزاب والاستفادة من سلبيات الممارسة السياسية السابقة.
من جانبه قال محمد وادعة القيادي بالبعث السوداني إن تشكيل حكومة عبدالله حمدوك الأولى تم بموافقة وإجازة تامة من قبل المجلس المركزي للحرية والتغيير، وانتقد وداعة مخالفة الأحزاب للوائحها ودساتيرها مشيراً إلى أن هنالك أحزاب تفصل اعضاء لمجرد خلاف في الاراء والمواقف كما توجد أحزاب تنفذ انقلابات والتأريخ به أمثلة موجودة، وقطع وداعة أن الطبيعة فعلآ لا تحتم لالفراغ وان فرص، واضاف ان الانقلاب في الوقت الراهن كبيرة جداً،و ان حملات التجييش والتجنيد بالولايات مؤشر للانقلاب الممرحل.
وهاجم وداعة الاحزاب التي تسعى الى الوصول للسلطة عبر الدعم الأجنبي وقال ان طريق الوصول الى الحكم معلوم عبر الوسائل السلمية الديمقراطية المعروفة، وعاب عليها الاهتمام بالعمل السياسي.
وأشار الى ان الأحزاب قد “شاخت ” وانها لاتمارس الديمقراطية ولم تقيم مؤتمراتها العامة وتابع : ولديها قطيعة فكرية ومنهجية مع الشباب، داعياً قيادات الصف الأول والثاني في الأحزاب الى الابتعاد وأخذ المعاش
وقدم البروفيسور عطا البطحاني في ورقته” أحزاب مابعد الثورة :رؤى جديدة أم اِجترارللقديم”،وقال ان
، تشكل مآل الأوضاع التي خلفتها فترة ما بعد الاستعمار والاستقلال بصورة عامة، وبصورة خاصة مآل الأوضاع بعد تجربة الانقاذ، السياق الذي قامت ثورة ديسمبر على تغييره، مشيراً إلى أنه ركز على دور الأحزاب السياسية، وهذا المآل في كلمة واحدة هو ما يطلق عليه نظام السلطوية الريعية authoritarian rentierism – فقد خلقت الأنقاذ كل مههدات تماسك الدولة (الدولة القطرية – دولة ويستفاليا)، فشل اِعادة هيكلية مؤسسات الدولة الوظيفية – دولة سيادة القانون، تجريف تام للساحة السياسية من القوى المدنية وملئها بفصائل العسكرة والتجييش الشعبي والمليشيا.
وأشار البطحاني الي أن ثورة ديسمبر عملت على استعادة السياسة – الظاهرة المدنية المرتبطة بالحياة الحزبية، ولكن قطع اِنقلاب البرهان المسنود من شبكات النفوذ لنظام الأنقاذ الطريق على السلطة الأنتقالية وادي الي تجذير الأنتقال في محاولة تكرار تجارب تشبث الجيش بالسلطة لاِفشال أي تحول ديمقراطي حقيقي، أسوة بما يحدث اليوم في مصر وميانمار، أو أن يبتدع نظاماً شبه ديمقراطي يمكنه من مواصلة التحكم في إقتصاد البلاد، أسوة بما يحدث اليوم في باكستان وزمبابوي والجزائر، واضاف بالقول أن المنظومة الحزبية، في أفضل الأحوال ، في مرحلة اِنتقال، في وضع مخاض شاق وبطيء interregnum حيث القديم يموت والجديد لم يولد بعد، والأمل أن تشكل القوى الحية ممثلة في القوى الشبابية نواة لكتلة تاريخية لعلاج متلازمة السودان، تقود عملية مزدوجة، في تتداخل فيها عناصر ولحظات الهدم مع عناصر ولحظات البناء فى سيرورة واحدة، وأن الصعوبة هنا تتمثل فى كشف كنه هذه السيرورة، وهل المجتمع يجدد فى قواه الحيوية والانتاجية ويسير الى الامام ام يهدر قواه وتبطىء حركته ويفقد القدرة على المبادرة حتى فى ادارة شؤونه بما يجعله تابعاً لمراكز المجتمعات المتقدمة، يصبح المجتمع ملحقا بارادة مجتمعات اخرى بالفعل حتى وان ادعى غير ذلك ، وزاد بالقول الانتقال الذى بدأ مسيرته ليس هو الانتقال الاول – واِن كان الجميع يتمنى ان يكون الانتقال الاخير. فرصيد البلاد من فشل الانتقالات فى الماضى والأثر الكارثى لحكم الانقاذ وضع البلاد أشبه ما تكون فى الحالة المرضية المعدية التى يتفادى الجميع انتقال العدوى اليه و ودفعت البعض بتوصيفها بحالة “متلازمة السودان” Sudan Syndrome.
ولفت البطحاني الي أن أسباب فشل التجارب الديمقراطية، بحسب الدراسة التي اجراءها مع بروفيسور على عبدالقادر على، والتى جاءت تحت عنوان السودان: الارث الاستعمارى، والاستقطاب الاجتماعى، والعجز الديمقراطى، ووردت اِشارات مرجعية متكررة لها”، غياب العقيدة الدستورية، وهو
دور عامل الهوٍية فى تعثر الديمقراطية، بجانب
الاستثمار فى النزاعات وعدم الاستقرار، فضلاً عن
الخلل الهيكلى فى السلطة والتنمية، لافتاً إلى أنه اشار الى بعض هذه الممارسات كغياب العقيدة الدستورية، الاستثمار فى النزاعات والمناكفات على حساب المصلحة العليا للوطن، و تعزيز العقلية المركزية فى الحكم والادارة وغير ذلك من سمات سالبة.
ويرى القيادي بالمؤتمر السوداني عبدالقيوم عوض السيد، أن الأزمة الرئيسية التي تعاني منها الاحزاب تتمثل في البنية السياسية الخاطئة وعدم تمكنها من تجاوز هذه المعضلة ، و التدمير المنهج الذي مورس ضد الأحزاب على مستوى القيادات والبرامج من قبل الأنظمة الشمولية.
وعدد عبدالقيوم مجموعة من العوامل تحد من قدرة الحزاب والقوى الحديثة في وضع مشاريع لمستقبل البلاد، منوها إلى أنها في أضعف حالاتها بسبب نمط الإدارة والتقليد، فضلاً عن غياب المنافسة بين الأحزاب لعدم وجود فرص لهذا التنافس.
ولفت عبدالقيوم إلى أن الأحزاب أيضا تعاني من مشكلة تعطيل الآخر ووضع المتاريس امام الحزاب التي تحاو لالنجاح والشب عن الطوق، وشدد على ان المرحلة الانتقالية ينبغي ان تؤدئ الى واقع جديد ودعا لجان المقاومة الى تشكيل أحزاب او دعم الموجودة حاليا والتحو لمن مرحلة الضغط والاحتجاج الى المساهمة في صناعة القرار، باعتبار أن الحكم أساس مسؤولية الاحزاب، ونبه عبدالقيوم إلى أن الأحزاب السياسية كانت ضعيفة جدا ولكنثورة ديسمبر وحدت الناس، وان الأحزاب لم تقوم بتشكيل حكومة عبدالله حمدوك الأولى وانها فرضت عليهم في الحرية والتغيير.
ومن جهته قال كمال بولاد القيادي بحزب البعث إن الأحزاب السياسية مؤثرة والدليل استمراريتها رغم كل عمليات التجريف التي حدثت لها في خلال أنظمة” عبود ونميري والبشير” ووأكد بولاد أنها حاليا تحتاج إلى تجديد على مستوى التنظيمي والسياسي والفكري.
و قالت إسراء الشيخ عضو حزب المؤتمر السوداني ، إن الأحزاب تعاني من مشكلة في البيئة الداخلية وغياب الممارسة الديمقراطية ونجاحها في سرعة بناء التحالفات وسرعة انهيارها في نفس الوقت، وأضافت أن أزمة العقيلة السلطوية مسيطرة على الأحزاب مع غياب تام للعدالة وتمثيل المرأة مما يجعل البيئة مأزموة جدا وفي حاجة الى غدارة حوار داخلي حول المباتدئ ومدى التزام وإيمان الاحزاب بها.
وفي السياق تقول رئيس الحزب الجمهوري السيدة أسماء محمود محمد طه، الى إن أكبر الإخفاقات التي واجهت الأحزاب تتمثل في عدم الوفاء بالوعود، مشيرة إلى أن هذه المسألة دمرت التجربة الديمقراطية في السودان وأضافت أن أكبر هزيمة كانت للأحزاب هي عدم وفائها بوعد إلغاء قوانين سبتمبر، والتي مستمرة حتى الآن.
وأكدت أن هذه القوانيين تعد أكبر عقبة أمام ثورة ديمسبر، وشددت على أهمية مراعاة المبادئ في العمل السياسي والحزبي، مطالبة بوضع قانون لعدم تمويل الأحزاب من الخارج، حتى تتحصن من التدخلات الأجنبية،، وأضافت لابد من وضع دستور او اتفاق يحاسب الأحزاب على عملها، وبدوره قال كمال عمر القيادي بالمؤتمر الشعبي إن المشكلة الحقيقة في ان البداية منذ الاستقلال كانت خطأ بتطبيق نظام سياسي انجليزي لدولة موحدة ظهرت معه الخلافات منذ الوهلة الأولى بمطالبة الجنوبيين بالحكم الفيدرالي، وخروج الاحزاب ضد هذه الفكرة والهتاف الشهير ” نو فيدريشن فور ون نيشن” لتشتعل الحرب، وأضاف عمر أن القضية في ان الدستور تتم كتابته بواسطة “5” أشخاص هنا في المركز ولا علم لهم بطبيعة الأوضاع في الأقاليم، مؤكداً أن الخطأ الدستوري تتحمله النخب السياسية، خاصة وان البلاد ومنذ الاستقلال تعيش حالة اصطفاف أيدلوجي، ووغياب تام للبرنامج الحقيقي لكيف يحمك السودان، ودعا كما ل عمر الى إجراء اصلاحات حقيقة في الأحزاب باعتبارها ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار السياسي بالبلاد، وقال أستغرب جدا أنه وحتى الان توجد أحزاب غير مؤمنة بالثورة وداعمة للانقلاب وترغب في استمراريته بتوفير حيثيات لذلك مشيرا الى “ورشة القاهرة” و وأكد هذه احزاب لم تتعظ من الثورة والتغيير ونحن كإسلاميين هناك فرق بين من يؤمن بالتغيير والليبرالية والمؤتمر الوطني ونحن ف يالشعبي لا يمكن ان نتفق مع الوطني أبدا.
ويذهب المفكر النور حمد، الى إن العقليات الموجودة حالياً هي نفسها منذ الاستقلال لذلك فإن التغيير لن يتم بسهوله ، وأن الكل لاحظ عملية الركوض خلف المناصب والكراسي التي تدافعوا حولها بالمناكب حتى تم انقلاب 25 اكتوبر، مشيرا إلى أن الأحزاب عبارة عن مجموعات مصالح دومآ ما ترغب في ان تكون قريبة من السلطة لحماية هذه المصالح، مشددا على أن النظام الرئاسي يعتبر الأنسب للواقع السودان يفي ظل الظروف الحالية.
و قال بشرى الصايم إن البلاد حاليا تمر بمرحلة تطلب تدخل واعي يفوت الفرصة أمام فيزياء السياسية وإمكانية استغلال الفراغ الموجود حالياً ، مشيراً إلى ان الأحزاب دائماً لا تكشف عن مواردها المالية وعدد عضويتها.
ووصف المحامي ساطع الحاج عضو الحزب الناصري الوحدوي، الأحزاب بحالة ضعف نتاج لغياب النظام الدستوري المتفق عليه في البلاد،وعدم القدرة على انتاج فعل سياسي، فضلا عن النشأة الغير طبيعية للأحزاب وغيا بالمشروع القومي الوطني مؤكدا ان الحل يتمثل في قيام المؤتمر الدستوري.