الخرطوم: محمد آدم بركة
استأنف بيت الشعر الخرطوم نشاطه في مستهل هذا العام، أولى أمسيات الشعرية، بقاعة الشارقة بالخرطوم الذي افلح في اقامتها يوم السبت الماضي في ٢٠يناير ٢٠٢٣م، باستضافة شاعرين من تجارب ولونيات شعرية مختلفة، مازجت قراءتهم ما بين العاطفة والألم وصدحت أخرى بالحياة والموت، حيث جمعت الأمسية كللاً من الشاعر الأصمعي باشري والشاعرة د. ريم الرفاعي وتخللت قراءات الفعالية وصلات غنائية صدح بها الفنان العواد صابر جميل، الذي تنوعت وصلاته الغنائية بين الوطن والعاطفة.
“كأطيب ما قد يكون الكلام بنبض الحروف ولحن الأصيل
كأجمل ما قد يجيئك ساعة حزن كثيف ودمع ثقيل
كما قد يكون لقاء الأحبة بعض التبسم والروح ليل
كما أنت لي نظرة تحتويني تدثر أوصال فجري العليل
أحبك ما دام بين ضلوعي شهيق وفي النور سر جليل”
هكذا انسابت قراءات الشاعرة د. ريم الرفاعي أيوب منصور، وهي من مواليد الخرطوم، تمرحلت دراسياً بمدارسها الابتدائية والثانوية، حاصلة على بكالريوس الصيدلة في جامعة الخرطوم، كما نالت الماجستير في مجال إدارة الأعمال بجامعة السودان العالمية، بينما شهدت كلية الصيدلة بجامعة الخرطوم باكورة نشاطها الثقافي والأدبي ونالت لقب شاعر صيدلة للعام 2008م عبر (منتدى نوافذ الثقافي) الذي قادت إدارته في الفترة من 2009م – 2011م، وهي من أعضاء مجموعة ريحة البن الشعرية ومقدمة برنامج (كنداكيز) على قناة سودانية s24، تعمل الآن مديرة تسويق دوائي بشركة تبوك الدوائية.
وقدمت (ريم) خلال الأمسية مجموعة من القصائد، حيث تقول في قصيدتها بعنوان (ﺩﻋﻨﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﺑﻼ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ)..
“ﻗﺪﺭﺍﻥ ﻧﺤﻦ ﺇﻥ اﺟﺘﻤﻌﻨﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﻨﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎة
ﻟﻜﻦ ﺧﻮﻓﻲ ﻗﻴﺪ أﺣﻼﻣﻲ ﻭﻓﻘﺪﻙ ﻣﻨﺘﻬﺎﻩ
ﺑﻴﺪﻳﻚ ﺗﻠﻘﻴﻨﻲ إلى ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻀﺠﺮ
ﺑﻴﺪﻳﻚ ﺗﺴﻠﺒﻨﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎة
**
ﺧﺬ ﻣﻦ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺑﺴﻤﺎﺗﻲ ﻭﻛﻦ ﻧﺠﻢ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ
ﺧﺬﻧﻲ ﺍﺭﺗﻴﺎﺣﺎ ﻳﺠﻌﻞ الأﺣﺰﺍﻥ ﺣﻴﻦ أﺭﺍﻙ ﻣﺎﺀ
ﻟﻤﻠﻢ ﻛﻴﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻨﻬﻤﺮْ
ﺩﻋﻨﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﺑﻼ ﺇﻧﺘﻬﺎﺀ
***
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺤﻤﻠﻨﻲ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﺤﺮﻗﻨﻲ ﺍﻹﺑﺎﺀ
ﻓﺄﻋﻮﺩ ﻋﻨﻘﺎﺀ ﺗﺠﺪﺩ ﺣﺒﻬﺎ ﻭﺍﻟﻜﺒﺮﻳﺎﺀ
ﻭإﻟﻴﻚ ﺗﺤﺪﻭﻧﻲ ﻧﻮﺍﺑﺾ ﻣﻬﺠﺘﻲ
ﻭﻋﻠﻲ ﻳﻨﺘﺼﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ”
وفي التجربة التالية نجد الشاعر والصحفي الأصمعي محمد أحمد باشري، له مجموعة شعرية منشورة باسم: طريق طويل للنسيان، صدرت عن دار المصورات، كما له تحت الطبع (كتابة على هامش الجسد)، عمل محررًا بالملفات الثقافية بالصحف السودانية، أبرزها: صحيفة القرار، صحيفة مداميك الإلكترونية، وهو معد برامج ثقافية تلفزيونية وأحد مؤسسي (منتدى مشافهة النص الشعري)، شارك في عدد من المهرجانات، منها: مهرجان مجدي النور، مهرجان مشافهة النص الشعري، عضو اللجنة العليا لملتقى قصيدة النثر، يقول في إحدى قراءته:
“حِينْ تلتقي امرأةً
خارجةً
مِن حروب الغجرِ
سادرةََ
فى حزنها
وقابلةً للرقص
فوقَ الجثث
فانتظرْ
قليلاً بغباءِ الشاعر المُنهك
من قصائده الركيكةِ
انتظرْ
كثيراً بثقوب القلب المبذول
فى آنية الحوارات اللّزِجةِ
انتظرْ
بالنقصانِ البائن فى سيرتك
بين حُطام الكمنجاتِ
وحبال الصوتِ
انتظرْ
أنْ تدعوك فطرةُ الأصابع للحمى
وان تستضيفك ظلالُ الشهوات فى شجر الموتِ”
للشاعر (باشري) إسهامات بالنشر في عدد من الدوريات الشعرية العربية المتخصصة و وثق لتجربته بعدد من الانطولوجيات العربية والسودانية، في قصيدته الموسومة بـ(على رمل قلبك المحترق) يقول:
“المسافة بيننا تابوت عريض
تابوت مليء بالكلمات الميتة
مليء بالأوقات المحنطة
مليء بأشجار اللغة اليابسة
مليء بنوافير الدم الفاسد
لا تزالين هناك ممدة في سرير البحر
وأنا هنا أجلس على رصيف
يوازي حديقة الموت
أنت واقفة على إبر الخوف
وأنا أفكر بجسد يملأ كل هذا التابوت”
أدارت منصة تقديم الأمسية الإعلامية (سارة مهدي) مختلقة أجواءً من الحوارية الشائقة مع الشعراء وقد أضفت بعدًا وجمالًا آخرًا للفعالية، بينما عطر أرجاء الأمسية بالغناء والطرب والموسيقى، الفنان صابر جميل، الذي صدح للوطن في أولى الوصلات محلقًا برائعة الكروان الراحل عثمان حسين (أفديك بالروح يا موطني) لشاعرها الراحل حسين بارزعة، ثم حلق بأجنحة الاعتذار حين شدا (سامحني غلطان بعتذر) وعددا
من الوصلات الغنائية، لتحط رحال الأمسية على شطآن كلمات وألحان العملاق الراحل عبدالكريم الكابلي (يا زاهية) التي جاءت لحن الختام، والادب وشرفها بالحضور ، الدكتور الصديق عمر الصديق مدير بيت الشعر ونائبته الشاعرة ابتهال محمد مصطفى، حيث افلح بيت الشعر في تنظيم هذا الأمسية المتميزة والمتفردة التي حظيت بحضور كبير من رواد الشعر والمهتمين بالثقافة والفن والادب. وكذلك حضور لوسائل الاعلام المختلفة وطاقم فضائية الشارقة .