توطئة:
انطلاقاً من نضالات الشعب السوداني العظيم، في مسيرته الوطنية الطويلة وعبرثوراته التراكمية منذ الإسقلال والتي مهرها بدمائه الطاهرة، لبناء دولة المواطنة والحكم المدني الديمقراطي، وسيادة حكم القانون وكفاحه المتواصل لإرساء قيم الحرية والسلام والعدالة والمساواة، في وطن العزة والكرامة، والذي توجه بانتصاره في ثورة ديسمبر المجيدة في العام 2019م.
وتأكيداً على وحدة البلاد وسيادتها، وتعزيزاً لأمنها وسلمها الاجتماعي، وسعيها الصادق من أجل الوفاق الوطني، واستشعاراً لمسئوليتنا الوطنية المستمدة من أصالة شعبنا وتاريخه الحافل بملاحم البطولة والصمود والتضحيات المشهودة، واصطفافه الواثق عندما تحدق المخاطر بالوطن.
ومراجعة لتجربتنا خلال الفترة الانتقالية في ممارسة العمل الوطني والتي أكدت بجلاء ألّا مخرج أمام بلادنا إلا أن نمضي فيها، ونعمل على إنجاحها من خلال ممارسة سياسية متزنة وواعية، تفضي الى تحول ديمقراطي كامل عبر حوار وطني حقيقي وشامل بين كافة مكونات الشعب السوداني، وصولا لوفاق حقيقي نابع من إرادتنا الحرة وعزمنا الأكيد، نحقق به المصالح العليا لبلادنا، في إطار مبادئ ثورتنا التي ضحي من أجلها شبابنا بأرواحه الذكية.
وإدراكاً منا للمخاطر المحدقة ببلادنا جرّاء الاختلاف والاستقطاب والتنافر بين القوى الثورية والسياسية وأطراف العملية السلمية والقوى المجتمعية ولجان المقاومة والمجموعات النسوية وغيرها، يستوجب علينا أن نُعلي من شأن الوطن، ونسمو به فوق كل اعتبار، ونلتقي لأجله، ونمضي في رحبه الفسيح ثواراً، أحراراً لإكمال مشوار بناء الدولة المدنية الديمقراطية.
إن الحل السياسي المتوافق عليه من القوى الثورية والسياسية والمجتمعية وجميع قطاعات الشعب، هو سبيلنا للخروج من أزمة البلاد، الذي يرسي قواعد الممارسة السياسية في مسيرتنا الوطنية، للمضي قدماً نحو التحول الديمقراطي، وتعزيزاً للوحدة الوطنية، وتنفيذاً لاتفاقية السلام، واستكماله، وبناء أجهزة الانتقال، ووضع برنامج للحكومة الانتقالية بأجل محدد، نحتكم بعده جميعاً للإرادة الشعبية عبر انتخابات حرة نزيهة.
وتأسيساً على كل ما تقدم نعلن توافقنا على هذا الإعلان السياسي مؤكدين على المبادئ والقيم الوطنية والثقافية لأهل السودان، ومعبرين عن تطلعات شباب الثورة وطموحات الشعب، والذي يقود الى تكوين أجهزة ومؤسسات الحكم الانتقالي، في إطار برنامج وطني متفق عليه وفق ترتيبات دستورية انتقالية، على النحو التالي:
(1) المبادئ العامة:
1. التأكيد على وحدة السودان ارضاً وشعباً.
2. الاعتراف بالتنوع الاثني، والديني، والثقافي واحترامه.
3. التأكيد على مبدأ المواطنة كأساس للحقوق والواجبات.
4. التأكيد على احترام الأديان وكريم المعتقدات الروحية وكفالة حق التعبد على قدم المساواة وإقامة الشعائر الدينية وعدم الإساءة إليها.
5. التأكيد على الإلتزام بوثيقة الحقوق والحريات الواردة في دستور 2005م والواردة في الوثيقة الدستورية 2019م وفقا لما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
(2) العلاقة بين المدنيين والعسكريين خلال الفترة الإنتقالية:
1. التأكيد على علاقة متزنة بين المدنيين والعسكريين من أجل الاستقرار السياسي ونجاح الفترة الانتقالية وتنفيذ الترتيبات الأمنية وإصلاح وتطوير القطاع الأمني وإدارة القطاع الأمني.
(3) نظام الحكم وتكوين أجهزة الدولة:
1. التأكيد على إقامة نظام حكم خلال الفترة الانتقالية على نسق فدرالي لا تماثلي يؤسس لسلطة الشعب.
2. إكمال تكوين هياكل السلطة الإنتقالية بالتوافق على:
أ. تشكيل جسم سيادي انتقالي مدني يمثل رأس الدولة تتفق الأطراف على تكوينه وسلطاته.
ب. تكوين المحكمة الدستورية.
ج. اختيار رئيس وزراء مستقل وكفء ومؤمن بأهداف ثورة ديسمبر المجيدة عبر آلية وطنية ومعايير متوافق عليها من جميع الأطراف.
د. تشكيل مجلس وزراء قومي انتقالي من كفاءات وطنية مستقلة وفق معايير الكفاءة والنزاهة والخبرة.
3. تكوين المفوضيات المستقلة الآتية والتوافق على القوانين التي تنشأ بموجبها:
أ. مفوضية الإصلاح القانوني.
ب. مفوضية الإنتخابات.
ج. مفوضية العدالة الإنتقالية.
د. مفوضية السلام.
ه. مفوضية مكافحة الفساد.
و. مفوضية لرعاية أسر الشهداء والجرحى والمفقودين.
ز. مفوضية دعم مشاريع الشباب.
ح. المفوضيات الأخرى.
(4) المشاركة السياسية خلال الفترة الإنتقالية:
1. التأكيد على دور القوى الثورية والسياسية والمجتمعية والمدنية والشعبية والمهنية ولجان المقاومة وأطراف العملية السلمية والشباب والنساء ومنظمات المجتمع المدني في تحقيق التحول الديمقراطي وتأكيد مشاركتها في مؤسسات الفترة الانتقالية بجميع مستويات الحكم، باستثناء حزب المؤتمر الوطني.
2. التأكيد على أن الشباب والمرأة ولجان المقاومة يشكلون طليعة الثورة وقلب الأمة النابض والتأكيد على حقهم الكامل في المشاركة على كافة مستويات أجهزة ومؤسسات الدولة عبر التشكيلات والكيانات والأطر المؤسسية دون عزل أو إقصاء أو استغلال سياسي.
3. الاعتراف بدور المرأة في العمل الوطني والتأكيد عليه وتمثيلها تمثيلا عادلا في مؤسسات الدولة بجميع مستويات الحكم.
(5) العدالة والعدالة الإنتقالية واسترداد الأموال العامة:
1. التأكيد على إكمال وإعادة بناء وتطوير المنظومة العدلية والحقوقية وضمان استقلالية القضاء والنيابة العامة وسيادة حكم القانون وتأكيد مبدأ الفصل بين السلطات.
2. التأكيد على تحقيق العدالة الانتقالية وإعمال مبدأ الحقيقة والمصالحة وجبر الضرر وعدم الإفلات من العقاب وتقديم المتهمين في جرائم ضد الإنسانية ومنتهكي القانون الجنائي والإنساني للقضاء ومحاكمتهم.
3. التأكيد على إستكمال أعمال لجان التحقيق وإعلان نتائج التحقيقات في جريمة فض الإعتصام والتحقيق في قضايا الشهداء والجرحى والمفقودين وتقديم الجناة للمحاكمة.
4. التأكيد على تفكيك نظام الثلاثين من يونيو1989م واسترداد الأموال العامة والأصول والممتلكات المنهوبة وفق القانون.
(6) بناء السلام المستدام:
1. التأكيد على تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان الموقع في أكتوبر عام ٢٠٢٠م وتوفير الدعم اللازم للوفاء باستحقاقاته.
2. استكمال العملية السلمية من خلال الحوار والتفاوض مع الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان.
3. القيام بإجراء ترتيبات أمنية نهائية مكملة ترسيخاً للسلام العادل والشامل من خلال تنفيذ برتوكول الترتيبات الأمنية.
4. اصلاح وتطوير وتحديث المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية وبناء جيش وطني مهني موحد بعقيدة عسكرية جديدة واحدة يضم القوات المسلحة وقوات الدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلح وتحويلها لقوات نظامية موحدة تخدم المصالح العليا للدولة السودانية.
5. العمل على إعادة النازحين واللاجئين الي مناطقهم الأصلية من خلال عملية طوعية محكمة وتأمين حياة كريمة لهم توفر الأمن والاستقرار وسبل كسب العيش وتعويضهم.
6. تبني حزمة مشروعات عاجلة لبناء السلام تشمل مشروعات تهيئة المجتمعات المحلية ومناطق العودة وتنمية الموارد و بناء القدرات وفض النزاعات ونشر ثقافة السلام وتحقيق المصالحات.
7. معالجة قضايا الرحل والرعاة والمزارعين والعائدين من دولة جنوب السودان.
(7) قضايا شرق السودان:
قضية شرق السودان قضية تهميش تاريخي سياسي ثقافي اجتماعي ويجب حلها حلا منصفا يستجيب لمطالبهم العادلة وفقا لتطلعات أهل شرق السودان.
(8) برنامج الحكومة الإنتقالية:
تلتزم الأطراف بوضع برنامج وطني وفاقي لحكومة الفترة الإنتقالية يضع الإصلاح الإقتصادي في مقدمة أولوياته ويرتكز على:
1. التأكيد على دور وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي واتباعها سياسات تؤكد وتحقق ولايتها على المال العام.
2. تحقيق الأمن وإنفاذ القانون وبسط هيبة الدولة.
3. وقف التدهور الإقتصادي.
4. معالجة قضايا الإنتاج.
5. ترقية وتطوير الخدمات.
6. تخفيف أعباء المعيشة عن كاهل المواطن.
(9) التحول الديمقراطي والإنتخابات والدستور الدائم:
1. العمل على تهيئة المناخ لإجراء انتخابات حرة نزيهة.
2. إستكمال السجل المدني.
3. إجراء الإحصاء السكاني.
4. إصدار قانون تسجيل الأحزاب والتنظيمات السياسية.
5. إصدار قانون الانتخابات.
6. تكوين مفوضية الانتخابات لتضطلع بدورها في تهيئة البلاد للانتخابات العامة بمراقبة دولية وإقليمية ووطنية والإلتزام بإجرائها في الموعد المحدد.
7. الالتزام باتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لتكوين الآليات التي تمكن جميع الأطراف من العمل على صناعة دستور دائم للبلاد يقوم على قيم الحرية والسلام والعدالة ويعبر عن التنوع الثقافي للمجتمع ويرعى القيم الوطنية، ويحدد نظام الحكم ومستوياته ونوعه وأسس الممارسة السياسية والديمقراطية والحكم الرشيد يقره برلمان منتخب ويوافق عليه الشعب عبر استفتاء عام.
8. الالتزام بعقد المؤتمر الدستوري ووضع التدابير والإجراءات والآليات التي تضمن المشاركة الفاعلة والواسعة لكل أبناء وبنات الشعب السوداني.
9. إقامة حوار شامل وشفاف يفضي الي وفاق وطني حقيقي حول مستقبل البلاد وضمان عدم تكرار الأخطاء التي صاحبت التجارب الوطنية السابقة في بناء دولة المواطنة والديمقراطية.
(10) الخدمة المدنية:
إصلاح الخدمة المدنية من خلال:
1. إزالة الاختلالات والتشوهات.
2. بناء قدرات منسوبي الخدمة المدنية عبر مفوضية الخدمة المدنية.
3. هيكلة الخدمة المدنية وفق شروط الأهلية والكفاءة والخبرة .
(11) السياسة الخارجية:
1. التكامل مع الأسرة الدولية في تعزيز الأمن والسلام الدوليين ومكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود، والإتجار بالبشر، وغسيل الأموال، وقضايا التغير المناخي ومكافحة المخدرات وغيرها من قضايا السلم والأمن الدوليين.
2. اعتماد سياسة خارجية متزنة مبنية على المصالح والاحترام المتبادل واستقلال القرار الوطني وعدم التدخل في شئون الآخرين.
(12) المرجعية الدستورية الحاكمة للفترة الإنتقالية وأجلها:
1. يتم الإتفاق على صيغة وشكل دستوري بين جميع الأطراف دون المساس بكريم المعتقدات وسيادة الدولة.
2. يتم الوفاق على تكوين آلية عليا ملائمة تطلع بصياغة الترتيبات الدستورية الحاكمة للفترة الإنتقالية.
3. يتم الإتفاق على مدة الفترة الإنتقالية بين جميع الأطراف على ألا تتجاوز العامين من تاريخ التوقيع على الاتفاق.
(13) الخطاب السياسي ودور الثقافة والفنون والإعلام:
1. تأكيد دور الثقافة والفنون والإنتاج الفني في إثراء مسيرة الوفاق الوطني وتعزيزه وفق مضامين هذا الإعلان السياسي.
2. تبني خطاب سياسي متوازن يعبر عن هذا الإعلان السياسي ويثري الوفاق الوطني ويسهم في تنقية الأجواء العامة ومحاربة خطاب الكراهية.
3. تعزيز دور الإعلام في إثراء مسيرة الوفاق الوطني ونشر قيم الصفح والتسامح والتعايش السلمي وقبول الآخر.
جاء هذا الإعلان السياسي ممهوراً بتوقيعات قوى الوفاق الوطني (وطن) مسنوداً بإرادة وطنية خالصة ونبقي على أبوابه مشرعة نستقبل عبرها كل الوطنيين الراغبين في الوصول لوفاق وطني ونؤسس به حكم مدني ديمقراطي في وطن يسع الجميع
