أسامه عبدالماجد يكتب..المُحرِّض الأخر !! إذا عرف السبب

قبل سبعة سنوات تَقريبا” كتبت في هذة الزاوية تحت عنوان (المُحرِّض).. كنت اعني وزير الاعلام احمد بلال.. الذي كان يحرض علينا كصحفيين الحكومة، ولم يكن متعاوناً.. بينما كان وزير الدولة معه ياسر يوسف يقف مُتَفَرجاً كعادته.. استغل بلال جلسة لمجلس الوزراء، برئاسة الفريق اول بكري حسن صالح للتحريض على الصحف.. وهو الذي كان يباهي بكبت الحريات (اغلقنا صحيفة الصيحة وسنغلق غيرها).

¤ كان رد بكري حاسِماً وقال له : «يجب ألا يضع بعض الوزراء إخفاقاتهم على ظهر الصحافة، فهي تلتزم بالموضوعية والإيجابية وقتما توفرت لها المعلومات».. ألقم صالح، الوزير حجراً ، وطالب الوزراء بأن لا تكون الصحافة «الحيطة القصيرة التي يعلقون عليها فشلهم»..

¤ كان بكري حسن صالح – فك الله اسره – شخصية متميزة ومعروف عنه الصراحة والوضوح.. بعيداً عن الاجندة المشبوهة.. لكن ماذا نقول عن (المُحرِّض الأخر) مبارك الفاضل.. الذي جعلنا نتذكر قصة بلال.. باقتراحه – وهو ليس بجديد – الغاء مسار سلام شرق السودان وكذلك بيع حركات دارفور سلاحها للحكومة.. واعتاد الرجل على تحريض الخارج على الانقاذ والامر معلوم لكل اهل السودان.

¤ المقترحان يفتحان الباب للفتنة واندلاع الصراع في الشرق ودارفور.. رغم ان الفاضل استشهد بسلام تشاد الموقع في قطر .. والذي نص في احد بنوده على بيع الحركات التشادية سلاحها لحكومة بلادها.. رمى مبارك لتقنين تجارة السلاح في دارفور .. ربما لشئ في نفسه.. لان دارفور مليئة بالسلاح القادم من ليبيا ودولا اخرى.. ولو باركت الخرطوم مقترحه ستعلن افلاسها.

¤ اما بشان الشرق فان مبارك طرف غير محايد حتى تحظى مباركته بالاهتمام دعكم من المباركة.. فهو ضد مصلحة اهل الاقليم .. واعلن من قبل انهم ضد مسار الشرق.. وقال صراحة في حوار سابق له بالغراء (اليوم التالي): ان موقفهم يتماثل مع الناظر ترك وان ترك يعبر عن مخاوف الاستيطان ويرى انه لابد من مراجعة كافة الجنسيات.. وكأن ترك وصيا على الشرق ..هل هناك من ايقاظ للفتنة واشعال الحريق في شرق السودان، اكثر من ذلك.

¤ مبارك خارج التاريخ السياسي.. منذ سنوات ، شارد الذهن.. متخبط في مبادراته وافكاره.. سبق واعلن مبادرة في يناير الماضي لحل الازمة الراهنة.. والتي جاءت من عشرة بنود.. ويبدو انه اصيب بالزهايمر.. حيث لم يكن بينها مقترح الغاء اتفاق سلام الشرق.. وكان اول بنودها اجراء حوار بين الجميع.

¤ سبق لرئيس اتفاق مسار الشرق الشاب خالد شاويش ان قال لشباب الشرق انه لا يعجزهم حمل السلاح ضد الحكومة.. وعدة جهات خارجية مستعدة لمدهم بالسلاح ولن يعجزهم توفير المال ..والمركز يعاني من هشاشة امنية وغارق في الصراعات السياسية.. لكنهم فضلوا جلب حقوق اهلهم عبر الحوار.

¤ لن يستوعب مبارك الحديث الحكيم، لشاويش وهو في سن اصغر ابنائه.. لانه وامثاله ترسخ في اذهانهم ان الحقوق لا تؤتى الا بحمل السلاح.. خاصة وان سجله ملطخ ومشبع بهذة القناعات المسمومة منذ سبعينات القرن الماضي.. ولم يكن شاويش وقتها قد ابصر النور.

¤ حتى الناظر تِرك يفكر بذات عقلية مبارك ..

تساءل في حوار معه بالغراء (الانتباهة) عن قوات وسلاح من تفاوضوا إنابه عنهم ويقصد شاويش والمستشار اسامه سعيد.. مستدلاً بامتلاك الحركات في دارفور وكردفان والنيل الأزرق قواتاً .. ومايعلمه الناظر علم اليقين بمحاولته التقليل من أبنائهم المفاوضين ..أن الحقوق يمكن أن تسترد بألف طريقة غير السلاح .. فالعزيمة سلاح والإرادة سلاح والنظرة الثاقبة سلاح.

¤ اجزم ان مبارك الفاضل لم يقرا اتفاق الشرق الذي وقعه شاويش.. يكفي ان الاتفاق ألزم المركز ولأول مرة بتخصيص حصة معتبرة للإقليم من عائدات المشاريع القومية بالشرق.. وفي مقدمتها ميناء بورتسودان .. والذي ربما سعى مبارك للسمسرة في بيعه فهو تاجر يتخفى في ثوب سياسي .. كما ان الاتفاق حفظ حقوق طلاب الشرق بشأن الرسوم الدراسية.

¤ وخصص 14% من مجموع وظائف الخدمة المدنية القومية لأبناء وبنات الشرق.. وبهذه المناسبة، أعجبني جداً ورود عبارة (بنات) إلى جانب (أبناء) في كثير من تفاصيل الاتفاق .. تقديراً للمرأة في الشرق.. بل إن الاتفاق وفي المباديء الفقرة (3) نص على تأكيد تمثيل المرأة تمثيلاً عادلاً.. وتكون مشاركتها بنسبة لا تقل من 40 % في كل المستويات.

¤ ان مبارك وامثاله لا يرغبون في وجود الشباب امثال شاويش الذين تقدموا عليهم في تقديم الافكار والرؤى السياسية.. وقدموا لهم دروسا في الزهد في المناصب.. عند تقاسم سلطة اتفاق جوبا ادار شاويش ظهره للوزاره.. رافضا تولى اي منصب بينما مبارك لا يزال يلهث وراء المناصب وهو الذي كان عضوا بالبرلمان قبل ان يولد شاويش.

¤ وتقلب في الوزارات منذ 1986.. ظل شاويش يقول (يذهب خالد ويظل الاتفاق باق).. بينما مبارك قاتل ابن عمه الراحل الامام المهدي من اجل السلطة وقال فيه ماقال.. بالمقابل استمر شاويش يتعامل بكل ادب مع ترك ولم يسئ اليه.

¤ يحاول مبارك ان يستثمر في الشرق.. لذلك ظل يحتضن ترك ونظما سويا لقاءات بالخرطوم .. وكتبت من قبل (إننا نربأ بترك الذي نعرفه منذ سنوات، أن تحوم حوله شبهات تحريض من جهات).. وايضا قلت (الذي نتمناه من (تِرك) ألا (يترك) مجالاً لـ(الساسة) .. فما دخلوا أرضاً إلا (واشتغلوا فيها عواسة).

¤ ومهما يكن من امر لو حمل شاويش واهله السلاح ربما لتواصل معهم مبارك سرا وعرض عليهم صفقة أسلحة .. فالرجل وكثيرين غيره بلا اخلاق سياسية