إبراهيم صديق يكتب: ثقافة إقتصادية.. الموازنة العامة

هذه الايام لقط كثير يحوم في الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن موازنة العام ٢٠٢١ ، جهات عدة وقفت ضدها واعتبرتها دعاية اعلامية وإخفاء حقائق وتضليل مارسه معدوها ، ولا تعبر عن تطلعات الشعب ومطالب الثورة.
ماهي الموازنة؟
الموازنة العامة عبارة عن خطة مالية تقديرية ، ومن أهم القضايا التي يهتم بها الباحثون في مختلف دول العالم، لأن نجاحها يقاس بمدى قدرة الدولة على حسن إدارتها للسياسة المالية، وما يترتب عليها من جوانب مؤثرة اقتصادياً واجتماعياً. وبما أن السياسة المالية تعتمد علي تقدير الإيرادات والنفقات العامة للدولة، تحاول تجنب الوقوع بالعجز، لذلك تبحث عن الوسائل والأدوات المالية لتمويل وسد العجز بأقل التكاليف.
العجز أحد المظاهر غير السليمة للسياسة المالية، وبالتالي تترتب عليه آثار سلبية على الاقتصاد الوطني. ولا تعد ظاهرة العجز حديثة، ولا تقتصر على الدول النامية فقط بل تظهر في الدول المتقدمة كثيراً.
تلعب الموازنة العامة للدولة دوراً مهماً أساسياً في تحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعتبر الوسيلة الأساسية التي تحدد أهداف وبرامج الحكومة وطريقة استغلال الموارد، حتى تتمكن من التأثير في الاستثمار والاستهلاك والإنتاج وتوزيع الدخل القومي.
ولّد عجز الميزانية الحكومية ضجيجاً كبيراً بين مختلف الأيديولوجيات في قضايا السياسة الاقتصادية، العديد من الاقتصاديين يشاركون الرأي القائل إن العجز ضار، وربما كارثي. حيث إن الأدبيات العلمية أثبتت أن هناك علاقة وثيقة بين عجز الموازنة والنمو الاقتصادي، حيث زيادة معدلات العجز تقلل من نسبة النمو الاقتصادي
أسباب حالة العجز بالموازنة العامة غالباً ما تكون نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي، زيادة الإنفاق الحكومي، ارتفاع بمعدلات البطالة، أو حدث خارج عن السيطرة مثل جائحة كوفيد-19 مؤخراً، أو الأزمات المالية. وبسبب هذه الظواهر تلجأ الدولة للتعامل مع العجز عبر تحفيز النمو الاقتصادي، وخفض الإنفاق العام، وزيادة الضرائب، وتشجيع الاستثمار عبر تخفيف القوانين التنظيمية والتسهيلات، أو الاقتراض وبالتالي ينتج ارتفاع الدين العام.
وفي المقابل تختلف الاتجاهات بأن عجز الموازنة يحفز نمو الناتج المحلي الإجمالي، لأن الحكومة تضخ أموالاً في الاقتصاد أكثر مما تأخذها، وبالتالي تدعم الاقتصاد الوطني. قد يؤدي ارتفاع العجز المالي إلى تأثير مضاعف مالي إيجابي قد يحفز بدوره استثمار القطاع الخاص، ما يمكن أن يساعد الحافز المالي باقتراض المزيد على منع الاقتصاد من الوقوع في كساد انكماشي، من جهة أخرى قد يعكس العجز الإنفاق الإضافي للحكومة إيجاباً على قيام المشاريع الرأسمالية والبنية التحتية، وتحفيز سياسات العرض والطلب، وبالتالي يزيد ذلك من النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
والآن العالم يواجه مخاطر انكماش اقتصادي حاد، بسبب فيروس كوفيد-19، وما ترتب عليه من إجراءات عالمية لمكافحته عبر إغلاق كلي لاقتصاديات دول العالم.
في النهاية إن مبادئ نظرية النمو الاقتصادي الكينزية لها تطبيق واسع في مختلف دول العالم من خلال تدخل الحكومة في تحريك وتحفيز العجلة الاقتصادية، ولكن بالمقابل السياسة المالية الخاطئة أو تقلبات الاقتصاد العالمي (الأزمات المالية – الأوبئة) لها تأثير أكبر على أي اقتصاد وطني.

ابراهيم صديق
ibrahimsideeg@gmail.com